كوالالمبور/ 6 يوليو/تموز//برناما//-- أكد خبراء أن تولي ماليزيا رئاسة رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) لعام 2025م يمثل فرصة إستراتيجية لإعادة تشكيل مشهد الأمن الإقليمي، لا سيما في سياق تعزيز الجهود لجعل المنطقة خالية من الأسلحة النووية.
ويأتي هذا الأمر في أعقاب إعلان وزير الخارجية الماليزي محمد حسن مؤخرًا، أن كلاً من الصين وروسيا قد وافقتا على إبرام معاهدة منطقة جنوب شرقي آسيا الخالية من الأسلحة النووية (SEANWFZ)، في حين لا تزال الولايات المتحدة تدرس التوقيع على المعاهدة.
وقال الأستاذ المشارك في مركز /بردانا/ بكلية العلوم الاجتماعية والإنسانية بجامعة التكنولوجيا الماليزية الدكتور /مزلان علي/ إن هذا التطور يعد إنجازًا بارزًا في كسر الجمود الذي دام قرابة عقدين، في مسعى لإقناع الدول الخمس النووية المعترف بها بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، وهي الصين، وروسيا، والولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، بالتوقيع على البروتوكول.
وأوضح: "إذا وافقت هذه الدول الخمس على التوقيع، فإن ذلك لن يكون مجرد انتصار لرابطة دول آسيان، بل سيكون أيضًا شهادة على القيادة الدبلوماسية الماليزية الراقية، وستثبت ماليزيا أنها وسيط ناجح في قضايا الأمن العالمي الحرجة، وهو إنجاز لم تحققه أي دولة في رابطة دول آسيان من قبل".
وأشار إلى أنه حتى الآن، لم توقع أي دولة نووية على المعاهدة المعنية رغم كونها أعضاء دائمين في مجلس الأمن الدولي.
ومن المقرر أن تعقد اجتماعات اللجنة التنفيذية للجنة المعاهدة في مركز المؤتمرات بكوالالمبور يوم غد، الاثنين، وذلك على هامش الاجتماع الـ 58 لوزراء خارجية دول آسيان، بمشاركة دول كبرى من بينها الولايات المتحدة، وروسيا، وبريطانيا، والصين.
وفي هذا السياق، أوضح /مزلان/ أن نجاح ماليزيا في تأمين دعم تلك القوى العظمى سيعد إرثًا كبيرًا في عهد رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، الذي ينظر إليه بشكل متزايد باعتباره صوتاً مؤثراً في الدفاع عن مصالح الدول النامية في القضايا الدولية.
وأردف: "إذا تمكنت ماليزيا من توحيد المواقف الإقليمية بشأن المعاهدة، فإن ذلك سيؤكد أن رابطة آسيان ليست مجرد مراقب لقضايا الأمن العالمي، بل لاعبًا فاعلًا في رسم مستقبل خال من الأسلحة النووية".
من جانبه، صرح رئيس مركز البحوث والدعوة لحقوق الإنسان الماليزي (CENTHRA)، /عزريل محمد أمين/، أن تعزيز المعاهدة المذكورة لا يعد فقط مسألة أمنية إقليمية، بل هو التزام أخلاقي وقانوني نحو تحقيق السلام العالمي.
وأكد أن المعاهدة تعد أداة قانونية ترسخ مبدأ نزع السلاح النووي في منطقة جنوب شرقي آسيا، وتغلق الباب أمام أي مبررات لاستخدام الأسلحة النووية من قبل القوى الكبرى داخل الإقليم، مما يجعل رابطة آسيان نموذجًا فريدًا يختار نهج السلام الجماعي.
واستطرد يقول: "ترسل رابطة دول آسيان رسالة واضحة مفادها أنها ترفض عدم التكافؤ الإستراتيجي، وتلتزم بالمعايير الدولية مثل معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، وتدافع عن التعددية".
كما شدد /عزريل/ على ضرورة أن تقود ماليزيا دبلوماسية أكثر تقدمًا وهيكلية، من خلال تفعيل مفوضية المعاهدة وتبني خطة عمل خمسية لتعزيز الرصد والتنفيذ، بمشاركة منظمات دولية مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية والأمم المتحدة.
كما اقترح أن تستغل ماليزيا مكانتها بوصفها رئيس رابطة دول آسيان لتوحيد المواقف بين الدول الأعضاء فيها، من خلال عقد قمة خاصة وإنشاء فريق عمل تقني لتنسيق المفاوضات مع القوى الكبرى.
وأضاف: "أن إعلان كوالالمبور 2025م يمكن أن يكون دافعًا سياسيًا جديدًا يعزز الالتزام الجماعي في المنطقة بهذه المعاهدة التاريخية".
ومن جهته، أكد الزميل في عملية الغزو الفكري بمركز دراسات الحرب الإعلامية والمعلوماتية في جامعة مارا للتكنولوجيا (UiTM) الدكتور /نور نيرواندي محمد نوردين/، أن جهود ماليزيا في إحياء برامج المعاهدة المعنية تعد ذات أهمية كبيرة لضمان مستقبل مستقر وآمن للمنطقة، لا سيما في ظل تصاعد التوترات بين القوى الكبرى على الساحة الدولية.
وأضاف: "أن النهج الدبلوماسي الذي تتبعه رابطة دول آسيان القائم على مبدأ عدم التدخل والتوافق الجماعي، يمنح الرابطة ميزة أخلاقية تمكنها من استمرار سلامها واستقرارها".
وأشار إلى أن رئاسة ماليزيا رابطة دول آسيان تضعها في موقع فريد لإعادة إحياء وترويج هذه المبادئ باعتبارها أنموذجاً دبلوماسياً فعالاً في التعامل مع التوترات العالمية، وبشكل خاص تلك التي تشهدها منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وكالة الأنباء الوطنية الماليزية- برناما//م.م م.أ