غزة/ 1 مايو/أيار//برناما-وفا//-- كانت المواطنة سناء البردويل تعمل في مشغل خياطة صغير لتعيل زوجها المريض وأبنائها الخمسة، قبل أن تقطع حرب الإبادة التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة خيوط رزقها.
وتقول البردويل: "توقف عملي تمامًا منذ بداية العدوان. زوجي مريض، لا يقوى على العمل، وأنا أعيل خمسة أولاد. كل مشاغل الخياطة أُغلقت بسبب انقطاع الكهرباء، وعدم وجود أقمشة، وخطورة التنقل. نحن نعيش يومًا بيوم، وأحيانًا لا نأكل شيئًا".
حال المواطنة البردويل كحال أغلبية العاملين والعاملات في القطاع الذين فقدوا عملهم وقوت يومهم، نتيجة الدمار غير المسبوق الذي طال المنشآت والمصانع والشركات والبنوك وغيرها.
ويسترجع المواطن خالد الضابوس (55 عاما) أيام عمله في مجال البناء كمن يستحضر ذكرى حياة سابقة، ويقول: "كنت أعمل في البناء منذ أكثر من ثلاثين عاماً. توقفت عن العمل منذ أكثر من عام ونصف. أعيل عشرة أفراد، ولا نجد قوت يومنا إلا مما يجود به بعض أهل الخير. لا يوجد عمل، لا في مجالي ولا في غيره. الكل عاطل. المساعدات شحيحة، والتكايا التي كانت تطعمنا بدأت تُغلق أبوابها بسبب الحصار".
ومنذ نحو شهرين، يواصل الاحتلال الإسرائيلي منع دخول جميع المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بعد أن أغلق المعابر المحيطة بالقطاع في الثاني من آذار/ مارس الماضي، ما أدى إلى توقف دخول المواد الإغاثية والوقود بشكل كامل.
ووفقا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد ارتفعت معدلات البطالة في قطاع غزة إلى حوالي 68% في الربع الرابع من عام 2024، مقابل حوالي 45% في الربع الثالث من عام 2023.
وأوضح أن نتائج مسح القوى العاملة في قطاع غزة في الربع الرابع 2024م، أظهرت انخفاض نسبة المشاركة في القوى العاملة لتصل إلى حوالي 30% مقابل 40% في الربع الثالث 2023، أي قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023م، كما أظهرت النتائج تضرر فئة الشباب (15-29) سنة بشكل كبير، فحوالي ثلاثة أرباع الشباب (74%) أصبحوا خارج التعليم والتدريب وسوق العمل.
ويصف عضو الأمانة العامة للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، جمال عبيد، واقع العمال في غزة بأنه "مأساوي للغاية".
ويؤكد عبيد لـ"وفا" أن العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع ألحق دمارًا شاملًا بالبنية التحتية والمنشآت الاقتصادية والزراعية، ما أدى إلى شلل تام في الحركة العمالية.
ويوضح أن أبرز التحديات تشمل انعدام فرص العمل، وانكماش الاقتصاد، وإغلاق المعابر، وتوقف الدعم. ويقول: "قبل الحرب كانت البطالة نحو 50%، واليوم تفاقمت بشكل غير مسبوق".
ويشير عبيد إلى أن النقابات تواصل دورها، وتعمل على توثيق الانتهاكات، والدفع باتجاه مشاريع تشغيل طارئة، وتوعية العمال بحقوقهم، موضحا أن الاتحاد كان قد شرع بإجراء انتخابات نقابية، حيث تم إنجاز 40 مؤتمرًا فرعيًا ومؤتمرين عامين قبل بدء الحرب، ولكنها توقفت قسرًا.
ويؤكد وجود خطة لاستعادة العمل النقابي، والتعاون مع المؤسسات المحلية والدولية لتقديم مساعدات، بانتظار مرحلة إعادة الإعمار التي "يجب أن تتضمن تعويضات عادلة للعمال"، حسب قوله.
ويلفت عبيد إلى أن النساء العاملات تضررن بشدة، خاصة في القطاعات الزراعية والصناعات المنزلية، مشيرًا إلى انعدام فرص العمل أمامهن. أما عن الخريجين الجدد، فوصف وضعهم بأنه "مأساة داخل المأساة"، لغياب أي برامج تستوعبهم، وتضاؤل الأمل في المستقبل.
ويضيف: "في يوم العمال العالمي، نرفع قبعاتنا احترامًا لعمال فلسطين عامة، ولعمال غزة خاصة، أولئك الصابرين المحتسبين، القابضين على الجمر، الذين صبروا وتحملوا ما لا تتحمله الجبال، وقدموا التضحيات الجسام. ونعاهدهم أن نبقى صوتهم، وندافع عنهم بكل ما أوتينا من قوة، من أجل حياة كريمة تليق بكرامتهم"، داعيا المؤسسات الدولية إلى التحرك الفوري، وإطلاق مشاريع تنموية، وتوفير الحماية القانونية والنقابية للعمال، لأنهم العمود الفقري لأي نهوض وطني.
وأودت الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في القطاع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بحياة أكثر من 170 ألف مواطن بين شهيد وجريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، كما أُعلن فقدان أكثر من 11 ألف مواطن.
برناما-وفا//س.هـ