أخبار

مرض السل الرئوي الكامن تحدي أكبر نحو تحقيق ماليزيا الخالية منه

27/03/2024 02:25 PM

كوالالمبور/ 27 مارس/آذار//برناما//-- خففت التأكيدات التي قدمتها وزيرة الصحة الماليزية الدكتورة زليخة مصطفى بأن مرض السل الرئوي القاتل تحت السيطرة في هذا البلد، من قلق الجمهور، على الرغم من أن منظمة الصحة العالمية ذكرت ذات مرة أن حالات الإصابة بالسل في العالم عادت مرتفعة بعد سنوات من الانخفاض القياسي.

وتقدر منظمة الصحة العالمية، التي تستهدف عام 2035 ليكون العام الذي يصبح فيه العالم خالياً من مرض السل، أن الوفيات الناجمة عن المرض سترتفع بنسبة 14 بالمئة خلال عامين إلى 1.6 مليون شخص في عام 2021.

وبحسب ما ورد، فإن أحد أسباب زيادة حالات السل أو السل الرئوي هو جائحة كوفيد-19 الذي يعرقل الوصول إلى تشخيص وعلاج السل.

وفي هذا الصدد، ماليزيا غير مستثناة، حيث سجلت ارتفاعاً في حالات الإصابة خلال السنوات الأخيرة وصلت إلى 25,391 حالة في عام 2022، أي بزيادة قدرها 3,664 حالة أو 17 بالمئة مقارنة بـ 21,727 حالة في عام 2021.

وعلى الرغم من زيادة الحالات، فإن العدد الوارد أقل من تقديرات منظمة الصحة العالمية لماليزيا، وهو 30 ألف حالة سنوياً.

علماً أن وزارة الصحة الماليزية تعمل حالياً على اتباع مناهج مختلفة بما في ذلك صياغة الخطة الاستراتيجية الوطنية للقضاء على مرض السل (2021-2030)، لضمان تحرك البلاد بما يتماشى مع أهداف منظمة الصحة العالمية.

ومع بقاء 12 عاماً قبل تحقيق هدف عالم خالٍ من السل، فإن الزيادة الحالية في حالات الإصابة تثير تساؤلات حول ما إذا كانت ماليزيا قادرة على تحقيق هدف منظمة الصحة العالمية خلال الفترة المحددة.

 

تهديد السل الكامن

وتعليقاً على ذلك، قالت اختصاصية الصحة العامة لشعبة مكافحة السل والجذام بقسم مكافحة الأمراض في وزارة الصحة الدكتورة أسماء رزالي، إن أحد التهديدات الرئيسية لوزارة الصحة والمجتمع في القضاء على المرض هي حالات السل الكامن.

وأوضحت أن خطورة مثل هذه الحالات تتكمن في عدم ظهور أي أعراض على المصاب، مما يجعل اكتشافها وعلاجها مستحيلاً.

"ولهذا السبب نؤكد من خلال الخطة الاستراتيجية الوطنية للقضاء على مرض السل، على مبادئ المسح الصحي والفحص والوقاية كمحاولة للحد من انتشار مرض السل في ماليزيا.

وأضافت "سنحاول من خلال هذه الخطوة الكشف عن الأشخاص المصابين بالسل الكامن من خلال الفحص، لأن معظمهم لا تظهر عليهم أي أعراض رغم إصابتهم بتلك الجرثومة، بسبب جهاز المناعة لديهم لا يزال قويا".

صرّحت بذلك خلال حضورها ضيفاً في برنامج /روانغ بيتشارا/ (غرفة الحديث)، بثته قناة برناما التلفزيونية بمناسبة اليوم العالمي للسل مؤخراً.

وقد عرّفت منظمة الصحة العالمية مرض السل الكامن بأنه حالة ينتج فيها جسم الشخص المصاب استجابة مناعية مستمرة لتحفيز مستضدات بكتيريا السل الدقيقة دون أي أعراض سريرية.

وأضافت الدكتورة أسماء أن جراثيم السل يمكن أن تعيش أو تبقى حية في جسم الإنسان في حالة سكون أو في مرحلة غير نشطة لسنوات.

ومع ذلك، في فترة معينة، تصبح الجراثيم المعنية نشطة في جسم الفرد، مدفوعة بعوامل مختلفة بما في ذلك التقدم في السن، وأعراض الأمراض الخطيرة أو الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية.

عندما تنشط الجراثيم، ستبدأ الأعراض تظهر في المريض، بما في ذلك السعال المستمر لأكثر من أسبوعين، والحمى في وقت متأخر بعد الظهر، والقشعريرة، والتعب، وفقدان الوزن المفاجئ.

"للحصول على حل قصير المدى، ما نقوم به هو الكشف عن الأفراد المصابين بمرض السل الكامن عن طريق الفحص في العديد من المناطق التي حددناها، حيث يسهل انتشار جرثومة السل، بما في ذلك في مراكز الاحتجاز ومؤسسات السجون.

وقالت "هذه الخطوة ضرورية لأن هناك حالات لمرضى كانت جرثومة السل موجودة في أجسادهم منذ سنوات وتلقوا العلاج متأخراً لأنهم لم يدركوا إصابتهم بالجرثومة".

وأوضحت أنه كلما تأخر المريض في طلب العلاج، كلما زادت خطورة انتقال المرض للآخرين.

وبعد التأكد من الحالة، ستنفذ وزارة الصحة برنامج فحص للكشف عن المخالطين للحالة الدالة (المريض الأولي) لمنع انتقال العدوى، بحسب الدكتورة.

"يشمل الفحص أفراد الأسرة لأن معظم حالات السل هي عدوى من أفراد الأسرة المقربين. ومن هناك سنحاول أيضاَ التأثير على أولئك الذين يعانون من مرض السل الكامن لأننا لا نريد أن يتم تشخيصهم كمرضى السل بعد 10 أو 15 عاماً" تقول.

فيما يتعلق بالوفيات الناجمة عن مرض السل، قالت الدكتورة أسماء أنه نحو 2,408 حالة وردت لهذا العام لغاية 11 نوفمبر/تشرين الثاني.

 

فحص المواطنين الأجانب

وخلافاً لما يقال من أن عودة العمال الأجانب إلى هذه البلاد باتت سبب زيادة حالات السل، رأت الدكتورة أسماء أن بيانات وزارة الصحة أظهرت أن الأجانب لا يمثلون إلا 15 بالمئة فقط من جميع حالات السل في العام الماضي.

"عندما يدخل العمال الأجانب بشكل قانوني، فسوف يخضعون لمسح صحي أو فحص ما قبل الدخول (في وكالة المراقبة والفحص الطبي للعمال الأجانب).

"سيتم إجراء هذا الفحص قبل دخولهم إلى ماليزيا وفور وصولهم إلى هذا البلد"، على حد تعبيرها.

وتابعت "إذا اشتبه في إصابتهم بالسل أو غيره من الأمراض المعدية، فلن يُسمح لهم بالعمل في ماليزيا وسيتم إعادتهم إلى بلدهم الأصلي. همنا الوحيد هو المجموعة التي دخلت بطريقة غير شرعية ولا نعرف حالتهم الصحية".

وقالت "هؤلاء الناس يختلطون مع السكان المحليين، لذلك عندما يصاب هؤلاء الأشخاص بمرض السل، يمكن أن يكونوا سبباً بشكل غير مباشر في انتشار حالات السل في مناطق معينة".

 

كمّل العلاج

في غضون ذلك، دعت الدكتورة أسماء الأفراد الذين تم تشخيص إصابتهم بمرض السل إلى الاستمرار في تلقي العلاج، لمدة ستة أشهر على الأقل، حتى لو كان المريض يتمتع بصحة جيدة خلال تلك الفترة.

وقالت إنه يتعين على مرضى السل إنهاء العلاج بما في ذلك تناول الدواء وفق فترة معينة حسب توصية الطبيب.

وأوضحت أن فشل المرضى في تناول العلاج أو التوقف عن العلاج يمكن أن يتسبب في مقاومة جراثيم السل أو مقاومة لأدوية السل.

وإذا حدث ذلك، فإن ذلك لا يعرض مريض السل للخطر فحسب، بل يهدد أيضًا صحة الأشخاص المحيطين به.

وقالت "المرضى الذين يتوقفون أو لا يرغبون في مواصلة العلاج سيواجهون أيضاً إجراءات قانونية بموجب قانون الوقاية من الأمراض المعدية ومكافحتها لعام 1988. ستقوم وزارة الصحة بالبحث عن أولئك الذين يتركون العلاج (في منتصف الطريق) ومتابعتهم".

عادةً ما يؤثر السل في الرئتين، ولكن من خلال مجرى الدم، يمكن أن يؤثر السل أيضًا في أجزاء أخرى من جسم الإنسان بما في ذلك العظام والدماغ والعينين.

 

ممارسة نفس الإجراءات الخاضعة للإصابة بكوفيد-19

في هذا السياق، قال اختصاصي الصحة العامة وعالم الأوبئة الدكتور زين العارفين عمر إن مسؤولية التعامل مع مرض السل لا ينبغي أن تقع على عاتق وزارة الصحة وحدها إذا أردت الدولة استجابة رغبة منظمة الصحة العالمية في تحقيق بلد خالٍ من مرض السل بحلول عام 2035.

وأضاف أنه يتعين على كافة الأطراف حشد طاقتها والقيام بدورها لتحقيق الهدف.

ومن أجل السيطرة على انتشار مرض السل في المجتمع، أفاد بأنه يمكن للجمهور استخدام إجراءات التشغيل القياسية الخاضعة للإصابة بكوفيد-19 التي تم وضعها مسبقًا، مثل ارتداء قناع الوجه في الأماكن العامة والابتعاد عن التواجد في المناطق المزدحمة للحد من انتشار عدوى السل.

وأوضح أنه مثل فيروس كوفيد-19، تنتشر جراثيم السل أيضًا عبر الهواء واللعاب.

"يعتبر استخدام أقنعة الوجه في هذا الوقت أمراً مهماً، خاصة بالنسبة للأفراد الذين يعانون من أعراض معينة بما في ذلك السعال والحمى.

"بالإضافة إلى ذلك، يجب على مرضى السل مراعاة الآخرين من خلال عزل أنفسهم، وعدم الاختلاط وتقليل التفاعل مع الآخرين"، على حد تعبيره ونصح باتباع نظام العلاج الموصوف، بما في ذلك تناول الأدوية.

ووفقاً للدكتور زين العارفين، فإن إعطاء لقاح BCG (عُصية كالميت غيران) للأطفال حديثي الولادة يوفر أيضاً حماية تصل إلى 80 بالمئة ضد التهاب السحايا السلي من خلال تحفيز الجهاز المناعي لدى الطفل.

"دون استثناء، يتم تذكير أصحاب العمل أيضًا بتوفير بيئة نظيفة وغير مزدحمة، ليس فقط للعمال المحليين ولكن أيضًا للأجانب"، بحسب المسؤول وشدد على أنه إذا كانت هناك أعراض، فيجب أن يتلقوا العلاج في أسرع وقت ممكن.

 

وكالة الأنباء الوطنية الماليزية – برناما//س.هـ