أخبار

خبير: حان الوقت لماليزيا التحول إلى الطاقة النووية لتلبية احتياجاتها

22/03/2024 04:53 PM

كوالالمبور/ 22 مارس/آذار//برناما//-- رغم أن الطاقة المتجددة تعتبر على نطاق واسع طاقة المستقبل للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، إلا أن أهمية الطاقة النووية أخذت تناقَش بشكل متزايد لنفس الاحتياجات.

وكما ذكرته المناصرة الماليزية للطاقة النووية، شريفة نور خمسيه العيديد سيد أحمد عيديد، من وكالة الطاقة الدولية، فإن الطاقة مسؤولة عن ثلاثة أرباع انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم.

وقالت لبرناما مؤخراً إنه في ظل الوضع الحالي، فإن قطاع الطاقة يحمل المفتاح لإزالة الكربون من الاقتصاد العالمي ودعم التحول إلى الاقتصاد الأخضر.

وتابعت أن "الانتقال من الوقود الأحفوري إلى نظام طاقة منخفض الكربون هو المحور الرئيسي للاقتصاد الأخضر وتحول الطاقة"، مشددةً على أن الطريق إلى تحقيق هدف "صافي الصفر"، باتت الطاقة النووية جزءاً من الحلول الاستراتيجية العالمية ذات الأهمية المتزايدة في هذا الوقت.

التطور النووي في ماليزيا

وضعت الحكومة الماليزية هدفاً يتمثل في تحقيق 70 بالمئة من قدرة تركيب الطاقة المتجددة بحلول عام 2050، وذلك من خلال خارطة الطريق الوطنية لانتقال الطاقة التي تم إطلاقها في أغسطس/آب 2023.

حالياً، تتكون معظم مصادر الطاقة في ماليزيا من الوقود الأحفوري، حيث يمثل الفحم والغاز الطبيعي أكثر من 80 بالمئة من توليد الكهرباء المحلي. تتمتع ماليزيا بإمكانيات كبيرة لإنتاج الطاقة المتجددة وخاصة الطاقة الشمسية وغيرها من المصادر.

إلى ذلك، يؤكد العلماء أن الطاقة النووية ضمن أفضل الخيارات التي يمكن النظر فيها لتحل محل الوقود الأحفوري. ووفقاً للخبراء، بالإضافة إلى كونها غنية بتوليد الطاقة، فإنها يمكن أن تدعم استخدام مصادر الطاقة المتجددة الأخرى.

وبدوره، قال المستشار الخاص السابق للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية ومدير الأمن النووي في الوكالة الدكتور عبد العزيز رجا عدنان، إن الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية التي لها حدود عند استخدامها لتوليد الكهرباء لأن قدرتها لا تزال غير قادرة على تلبية احتياجات البلاد.

وفي حديثه ضيفاً في برنامج /روانج بيتشارا/ (غرفة الحديث) الذي بثته قناة برناما التلفزية مؤخراً، قال المسؤول: "يفضل الكثير من الناس الطاقة الشمسية لأنها لا تطلق ثاني أكسيد الكربون، ولكن مشكلة الطاقة الشمسية هي أنها لم يتمكن من التحول إلى كهرباء إلا بتوافر ضوء الشمس".

"بالإضافة إلى ذلك، إذا تم تركيب الألواح الشمسية في منزلنا، فإننا لا نزال بحاجة إلى شبكة الكهرباء الوطنية ولا يمكننا قطع أسلاك".

وأضاف "علاوة على ذلك، تحتاج ماليزيا إلى موارد كبيرة مثل الطاقة النووية منخفضة الكربون لتلبية احتياجاتها من الكهرباء".

ووفقاً له، منذ عام 2009، نفذت ماليزيا العديد من الخطوات التحضيرية الهامة لتمهيد الطريق في تنفيذ برنامج تطوير الطاقة النووية، بما في ذلك إنشاء شركة الطاقة النووية الماليزية (MNPC) كأول منظمة تنفيذ برنامج الطاقة النووية (NEPIO) في البلاد.

"بدأ تاريخ الطاقة النووية في ماليزيا في عهد نائب رئيس الوزراء السابق تون الدكتور إسماعيل عبد الرحمن، عند إنشاء مركز تون إسماعيل للأبحاث الذرية لتطوير التكنولوجيا النووية في عام 1972"، على حد تعبيره.

وتابع: "نحن في الواقع مستعدون للنظر بجدية في الطاقة النووية، ولكن بعد مجيئ عصر النفط والغاز وتأسيس بتروناس، لم تعد الطاقة النووية تبدو قابلة للتطور".

وقال "لكننا نعلم الآن أن الوقود الأحفوري يسبب تغير المناخ ويؤثر أيضاً على صحة الإنسان، لذلك من المستحسن أن نبتعد عن المصادر عالية الكربون واللجوء إلى اختيار الطاقة المتجددة والنووية كمصادر منخفضة الكربون لتوليد الطاقة".

الحاجة إلى الطاقة النووية

وحث المدير الإداري لشركة /أليفز/ (Alypz) الخاصة المحدودة الماليزية لاستشارات الحماية من الإشعاع، جيلاني مصطفى، الحكومة الماليزية على النظر في استخدام الطاقة النووية باعتبارها حلاً لاحتياجات البلاد من الطاقة، بالإضافة إلى هدف تحقيق "صافي الصفر" بحلول عام 2050.

وقال إن سياسة الطاقة الوطنية 2022-2040، التي تقترح استخدام المزيد من الغاز الطبيعي ليحل محل الفحم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، قد لا تحقق النجاح بسهولة مع تضاؤل ​​موارد الغاز في البلاد.

وتابع يقول: "يرى أنصار الطاقة المتجددة، بما في ذلك الحكومة، أن الطاقة المتجددة هي الحل. غير أن هذه المهمة صعبة لأن موارد الطاقة المتجددة قد تتجاوز قدرة شبكة البنية التحتية الحالية... وقد تتطلب حوالي 180 مليار رنجيت ماليزي لإجراء التحسينات".

ووفقاً لجيلاني، نظراً للمناظر الطبيعية في ماليزيا، تواجه مشاريع الطاقة المتجددة واسعة النطاق تحديات، وخاصة مزارع الطاقة الشمسية الكبيرة التي تتطلب مساحات كبيرة من الأراضي.

واستطرد أن "الألواح الشمسية، على سبيل المثال، تتطلب مساحة أرض بحجم (ولاية) برليس لتوليد جيجاوات واحدة من الطاقة"، مضيفاً أن الخبراء يعتقدون أن الطاقة المتجددة لا يمكنها تلبية سوى 30 بالمئة من احتياجات ماليزيا من الطاقة، لذا فإن الحل المنطقي لهذا البلد هو الطاقة النووية.

وأفاد بأن التكنولوجيا النووية مرت بتطور كبير مع ظهور المفاعلات المعيارية الصغيرة (SMRs) التي لا تتطلب مساحات كبيرة من الأرض مقارنة بالمحطات النووية التقليدية.

الرد العام

بشكل عام، يعارض الجمهور احتمال تنفيذ الطاقة النووية في ماليزيا بسبب المخاوف الأمنية وسلامة الصحة، لما أنهم ما زالوا يطاردهم التاريخ الأسود لهيروشيما باليابان التي دمرتها القنبلة الذرية عام 1945 خلال الحرب العالمية الثانية. وتفاقم هذا الأمر بسبب الحادث الذي وقع في محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية في روسيا عام 1984 والفيضانات التي ضربت محطة فوكوشيما للطاقة النووية في اليابان عام 2011، في أعقاب تسونامي ناجم عن زلزال بقوة 9.0 درجة.

ووفقاً لجيلاني، يبدو أن خطاب ميزانية 2024 وخارطة الطريق الوطنية لانتقال الطاقة لم يشر إلى الطاقة النووية، ربما بسبب القلق على الرأي العام.

"إن المخاوف بشأن الطاقة النووية تعتمد في كثير من الأحيان على مخاوف تتعلق بالسلامة وإدارة النفايات النووية والمخاوف بشأن الانتشار النووي"، بحسب المسؤول.

وقال: "أحداث مثل كارثة فوكوشيما غالباً ما تثير هذا القلق. ومع ذلك، عند تحليل مثل هذه الحوادث تكون ناجمة عن نقص البنية التحتية وليس ضعف التكنولوجيا النووية".

وأضاف أن الافتقار إلى الفهم والمعرفة يؤدي في كثير من الأحيان إلى معارضة الطاقة النووية ويمكن التغلب عليها من خلال إجراء المناقشات والمناظرات العامة.

وأضاف أن "النهج الموحد بين الحزبين ضروري لدعم الطاقة النووية وكسب الدعم من جميع الفصائل السياسية".

في سبتمبر 2018، قال رئيس الوزراء في ذلك الوقت، الدكتور محاضير محمد، أمام المؤتمر الثاني والعشرين لصناعة إمدادات الكهرباء، إن ماليزيا رفضت استخدام الطاقة النووية لتوليد الكهرباء وتحتاج إلى مزيد من الفهم بشأن الطاقة النووية.

ومع ذلك، خلال إطلاق خارطة الطريق الوطنية لانتقال الطاقة في أغسطس 2023، قال وزير الاقتصاد رافيزي رملي إن ماليزيا لا تستبعد توليد الطاقة النووية ولكنها بحاجة إلى إجراء مزيد من الاعتبارات قبل دمجها في مزيج توليد الطاقة في البلاد.

وتعليقاً على تصريحات رافيزي ونيك نظمي، قالت شريفة نور خمسية إنه من المهم أن تعمل الحكومة مع أصحاب المصلحة الآخرين للتواصل مع الناس في هذا البلد حتى يكونوا أكثر وعيًا بالطاقة النووية.

"أصبح مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) الذي انعقد في دبي مؤخراً نقطة انطلاق مهمة للطاقة النووية، كما يتضح من العديد من الأحداث المهمة التي تم تنظيمها بما في ذلك بيان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي الذي أكد على أهمية الطاقة النووية لتحقيق هدف "صافي الصفر".

"ويدعم ذلك إعلان 22 من قادة العالم حول أهمية مضاعفة قدرة المنشآت النووية ثلاث مرات بحلول عام 2050 لتحقيق هدف "صافي الصفر".

وأضاف "شاركت ماليزيا أيضًا في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) وأنا واثق من أن القادة والممثلين سيعيدون هذا البيان إلى ماليزيا لتتمكن الحكومة من اتخاذ قرارات استراتيجية لصالح الشعب".

 

وكالة الأنباء الوطنية الماليزية - برناما//س.هـ